بقلم: د. عواطف سليماني.خنشلة
في كل النقاشات التى تثيرها مسائل الفن يوميا، هناك مسألة أساسية لم يتم التطرق إليها في هذه النقاشات الى حد الآن، أود شد الانتباه إليها هنا، وهي متعلقة بما يسمى باللاانتظام irregularite إن الطبيعة تخشى الفراغ كما يقول الفزيائيون ،ويمكنهم أن يضيفوا الى هذه البديهية أنها لا تخشى التناسق أيضا، يعرف الملاحظون جيدا أنه رغم بساطة القوانين التى تحكم تكوين الطبيعة فهي متنوعة الى ما لانهاية ، من الاكثر أهمية الى الاقل أهمية، مهما كان نوعها ،إن عيني أجمل وجه لا تختلفان إلا قليلا ،ولا يوجد أنف فوق وسط الفم ،وقطع البرتقالة وأوراق الشجرة ونويرات الزهرة ليست متماثلة، بل يبدو أن جمال كل شيء يستمد حسنه من هذا التنوع.
وعندما نفحص -انطلاقا من هذه الرؤية- الاعمال التشكيلية أو المعمارية الاكثر شهرة سنلاحظ بسهولة أن الفنانين الكبار الذين أبدعوا هذه الاعمال كانوا حريصين على القيام بمثل ما قامت به الطبيعة، وقد كانوا في ذلك مجرد تلاميذتها الاوفياء ، ولكنهم حرصوا على الاخلال بالقانون الاساسي للاانتظام ، إننا لنلاحظ أن الاعمال الفنية التى استندت الى مبادئ هندسية مثل كنيسة القديس مارقس أو منزل فرانسوا الاول وكل الكنائس القوطية، الخ لا تتضمن أي خط مستقيم كامل، بل إن الاشكال الدائرية والمربعة والبيضاوية الشكل الموجودة في هذه الكنائس ، التى كان من الممكن أن تبنى بدقة لم تكن كذلك ، لذلك نستطيع القول بكل ثقة بأن كل انتاج فني تم تصميمه وانتاجه وفق مبدأاللاانتظام.